القائمة الرئيسية

الصفحات

الصناعة التقليدية في المغرب: هوية متجددة تحفظ روح المكان والإنسان

الصناعة التقليدية في المغرب وخصوصياتها الفنية

متابعي مدونة مغربية و افتخر بكنوز بلادي لقد اشتهر المغرب بصناعته التقليدية و جودتها العالية بحيث ساهمت بشكل كبير في ازدهار السياحة في المغرب.
هذا البلد الجميل الذي يتميز بموقع جغرافي وتنوع عرقي وديني اثر بشكل كبير في غنى هذه الصناعات والحرف التي توارثها الأبناء عن الاباء والاجداد وساهمت بشكل كبير في اشعاع هذا البلد.
وتُعدّ الصناعة التقليدية في المغرب أحد أهم الركائز التي تُعرّف بالهوية الوطنية، فهي ليست مجرد حِرف يدوية، بل عالم كامل ينبض بتاريخ عريق وحكايات متوارثة تعكس مهارة الصانع المغربي وقدرته على تحويل المواد البسيطة إلى قطع فنية تحمل روح المكان وعمق الذاكرة.

الصناعة التقليدية تراث يعبر القرون

منذ قرون طويلة، شكّلت الحرف اليدوية في المغرب جزءاً لا يتجزأ من حياة السكان. فقد ازدهرت في المدن العتيقة التي كانت ولا تزال فضاءات للإبداع، مثل فاس ومراكش وتطوان والصويرة. وفي هذه المدن، تناقلت العائلات الحرف من جيل إلى آخر، حتى أصبحت كل مدينة تتميز بصناعة معيّنة تكتب بها حضورها في المشهد الثقافي والاقتصادي الوطني.

البلغة او الشربيل النسائي المغربي

تنوّع يعكس ثراء الشخصية المغربية

تتميز الصناعة التقليدية المغربية بتنوع كبير يستمد من تنوع البلاد الثقافي والجغرافي. ففي شمال المغرب، يبرز الطرز الرقيق والنسيج الموشّى، بينما تتميز مناطق الأطلس بالزرابي التقليدية ذات الألوان القوية والدلالات الرمزية. أما فاس، فهي موطن النحاس والزليج المغربي الاصيل والخزف، في حين تشتهر مراكش بالجلد والمنتجات الخشبية المنقوشة.
هذا التنوّع يجعل كل قطعة فنية بمثابة رسالة صغيرة من منطقة ما، تحكي خصوصيتها وتظهر جزءاً من روح أهلها.

قيمة اقتصادية متنامية

لا تقتصر أهمية هذا القطاع على الجوانب الجمالية والثقافية فحسب، بل تمتد إلى دوره في الاقتصاد الوطني. فالصناعة التقليدية توفّر فرص شغل لآلاف الأسر، وتساهم في رفع دخل الحرفيين، كما تعزز جاذبية المغرب السياحية، إذ يبحث الزوار دائماً عن اقتناء قطع يدوية أصيلة تحمل بصمة “الصنع المغربي”.
كما ان هذا القطاع يشهد مشاكل عدة اقتصادية واجتماعية، لكن لا ننسى المبادرات الواضحة التي تتركز في احدات قرى للصناع التقليديين وتوفير الاراضي لهم والقيام بدورات تحسيسية للشباب حول الاستتمار في هذا المجال وتشجيعهم على خلق مقاولات صغرى وخلق فضاءات لتصريف المنتوج.
وبفضل برامج الدعم والتكوين، أصبح بإمكان الحرفيين تطوير مهاراتهم وتوسيع نطاق انتشار منتجاتهم، مما يزيد من قدرة القطاع على المساهمة الفعلية في التنمية المحلية.

التجديد عبر التكنولوجيا

مع توسع التجارة الإلكترونية، دخلت الصناعة التقليدية مرحلة جديدة أكثر انفتاحاً. فقد مكّن التسويق الرقمي صناع الحرف من الوصول إلى أسواق عالمية، واستقطاب زبائن من مختلف الدول، مما ساعد على إنعاش القطاع وإعادة الاعتبار للمنتجات اليدوية الأصيلة.
كما تعمل المبادرات الوطنية على رقمنة التراث الحرفي وتوثيق تقنيات صناعتها، حتى لا تضيع هذه المهارات مع مرور الزمن.
ان المتامل في منتجات الصناعة التقليدية بالمغرب يلاحظ ان لكل مدينة مغربية  خصوصيات فنية  تميز صناعاتها التقليدية المحلية حيث انها تعبر عن تقاليد وعادات تلك المنطقة اذ تعد  تحفا خاصة وعلامة  توجه مقتنيها وتذكرهم بالمنطقة التي ولدت فيها .
ففي فن التطريز نجد الطرز الفاسي نسبة الى منبعه مدينة فاس والطرز الرباطي وكذلك بالنسبة لباقي الصناعات. 

حرف يدوية متنوعة تدخل ضمن الصناعة التقليدية بالمغرب

تدخل ضمن قطاع الصناعة التقليدية بالمغرب مجموعة من الحرف التي تشمل الجلد بمشتقاته بما فيها الدباغة، النجارة ومشتقاتها من نجارة فنية ونحت ونقش على الخشب، النسيج بانواعه واشكاله من غزل وحياكة ونسج الزرابي والخياطة والتطريز، خراطة الفخار والخزف تم الحدادة التقليدية.
نفي مايخص المنتجات التقليدية فتتمتل في الزرابي، الملابس، والاحذية النسائية والرجالية، الملابس الجلدية، صناعة الفخار والخزف والجبس والرخام والفسيفساء وانواع الارابيسك المصنوعة من الخشب والنجارة، الحلي وغيرها من الصناعات المحلية.

صناعة الزرابي

صناعة السجاد او الزرابي المغربية 

تعتبر صناعة الزرابي من الفنون التقليدية اليدوية العريقة التي مارستها المرأة الأمازيغية قديما وحديثا، فقد تطورت عبر العصور منذ مجيئ الحضارة الفينيقية، باكتساب المهارات، فيما يخص صباغة الصوف، الذي اضاف الى الزربية الأمازيغية رونقا وجمال الألوان.
رغم انه يتم اعتماد أدوات تقليدية لصناعة الزربية المغربية التقليدية الا انك تجد منها أنواع عديدة، وتختلف هذه الصناعة من منطقة لاخرى، فنوع النسيج الخام المستعمل والألوان وطريقة زخرفة الزربية بتصميم هندسي مميز، يجعلها تختلف من منطقة لأخرى، فهناك الزربية الرباطية والزربية الفاسية والزربية الدكالية وزربية تزناختة وزربية الأطلس الكبير .. الخ
كما ان الزربية المغربية ليست المنسوج التقليدي الوحيد بل هناك منسوجات تقليدية أخرى مثل الخمار واللحاف ...ولكن التركيز الأساسي ظل على صناعة الزرابي لكونها من أساسيات الأثاث المنزلي المغربي.

صناعة الفخار

صناعة  الخزف والفخار

تعد صناعة الفخار أول حرفة في تاريخ البشرية، فالآثار الفخارية المعروضة في المتاحف المغربية تؤكد ان هذه الحرفة قد توارثها المغاربة منذ عهد الفينيقيين، والتقنيات العديدة التي يخضع لها الفخار في المغرب هي ذاتها المستعملة في كل أنحاء العالم، فصانع الفخار يحول عجينة من الطين إلى أوان وديكورات قابلة للاستعمال، وتحتوي على أشكال إبداعية لا تستطيع الآلات تشكيلها وأنواع الفخار الرئيسية في المغرب أغلبها مصنوع في فاس ،آسفي وسلا. بحيث تختلف الاشكال و طريقة التلوين حسب المنطقة التي انتج فيها، فالطاجين السلاوي يختلف عن مثيله في مناطق اخرى.
ففي مدينة آسفي تتواجد أحياء تضم حرفيين وصناعاً متخصصين في هذه المهنة، وبقدر ما حمت هذه المدينة صناعة الفخار واحتضنتها كانت هذه الصناعة مصدر شهرة آسفي.
اما في مدينة فاس فيتواجد أكتر من 500 حرفي مختص في صناعة الفخار وتتوفر المدينة على احتياطي هام من الطين ذي الجودة العالية يبلغ 85 مليون طن يكفي لتزود المغرب لأكثر من 100 سنة لصناعة الفخار وخاصة الزليج التقليدي
وبالنسبة للفخار السلاوي فنجد مجمع الولجة للفخار والسيراميك بسلا، الذي يقع على الضفة الشمالية من نهر أبي رقراق، حيث تعرض الأواني الخزفية بمختلف أشكالها وألوانها التي تعبر عن فن عريق ومكونا أساسيا ضمن موروث الصناعة التقليدية والهوية الثقافية الوطنية.

النقش على الخشب


صناعة النقش على الخشب

من ابرز المنتجات الخشبية التي تبدعها يد الصانع التقليدي المغربي، في مدن فاس و مراكش و الرباط، العلب الفاخرة  والمقارئ والصناديق وكرسي العرائس، والرفوف والمكتبات، والمقاعد.
بالاضافة الى الأقواس والسقوف التي تعد من أجمل وأبهى ما تنتجه يد الحرفي من منجزات فنية بالخشب المنحوت. 
واذا اردت رؤية التعبير الأكثر جمالا وجاذبية لفن الخشب فانه يوجد بالمساجد والمدارس القرآنية والقصور الملكية، حيث يتجلى في الأبوبب والأسقف المذهبة، التي تحمل زخارف في منتهى الدقة، والتي تتطلب صناعهتها جهودا كبيرة ومهارة عالية.
و لا ننسا الخشب المخروط "الموشرابيا" والخشب المرصع والالات الموسيقية والأمشاط ولوازم التجميل التي يعشقها سكان المدن والسياح.

صناعة الملابس التقليدية

صناعة الملابس التقليدية في المغرب

يتميز اللباس التقليدي المغربي بمجموعة من الألبسة التراثية والشعبية التي مازال المغاربة يحافظون عليها منذ قرون، حيث اصبحت الان الزي الرسمي في الأعراس والمناسبات الدينية والأعياد يلبسه  الشيوخ وشبابا، ذكورا و إناثا.
و يختلف اللباس التقليدي المغربي من منطقة الى اخرى و له أصول عديدة منها: الأمازيغية ،الصحراوية، الأندلسية، والإسلامية الا ان الإقبال عليه لا يرقى لرمزيته الثقافية والشعبية.
فالجلباب المغربي او "الجلابة"  تجده في الشمال  يختلف عن مثيله في الجنوب . 

صناعة الحلي

صناعة المجوهرات والحلي المغربية

ترجع صناعة الحلي في المغرب الى العصر الحجري حيث اكتشفت أولى الحلي وأدوات الزينة بالمغرب بعدة مواقع تؤرخ بالعصر الحجري األعلى وذلك بمدن الرباط وجدة بن سليمان والناظور. ومن بين هذه اللقى الأثرية، نجد مواد ملونة مثل المغرة ذات اللون الأحمر والأصفر وأصدافا بحرية مثقوبة وقلادات حجرية وعظمية.
و مع اكتشاف المعادن تطورت الحلي، سواء في التقنيات أو في المواد الأولية واصبحت صناعة الحلي في المغرب تعد من بين أهم الحرف والصناعات التقليدية، باعتبارها حرفا حافظت على جوهرها وعلى استمرارها،وتصنف الحلي بالمغرب إلى حضرية وقروية، ومنها حلي نسائية وأخرى رجالية، وتصنع الحلي القروية من الفضة اما الحلي الحصرية فتصنع من الذهب او الفضة او الفضة المذهبة.
وقد عرفت مدينة فاس منذ قرون كمركز هام للصناعة التقليدية في المغرب والمهارات الفنية وقد احتلت صناعة الحلي مكانة هامة بين هذه الحرف. وعرفت تقنيات جديدة ومتطورة مثل «التسليك» و«القولبة» و«النقش» و«التلحيم» و«التحبيب» وتقنيات أخرى خاصة بالفضة، والرصاص، والبرونز، وعجين الزجاج، والذهب و الأحجار الكريمة، والمرجان وقد توارثت وتنوعت مختلف هذه التقنيات عبر الفترات التاريخية.

المصنوعات الجلدية

المصنوعات الجلدية التقليدية

تشكل الصناعات الجلدية أحد أهم قطاعات الصناعة التقليدية في المغرب وتقليدا متأصلا في ثقافة كبريات المدن التاريخية للمملكة كمراكش وفاس والرباط، ومدن أخرى كسوس والصويرة وغيرها التي تتميز بمنتجات ذات جودة عالية.
ويكمن السر وراء هذه الجودة في المواد الأولية المستعملة حيث أن دباغة وتحضير الجلد بالمغرب يتسم بخبرة متأصلة، تحتاج إلى كثير من المهارة والصبر، نظرا للتقنيات المتعددة للصناعات الجلدية.
وتعتبرمهنة دباغة الجلود واحدة من المهن الموغلة في القدم بالمغرب، وترتبط بهويته ارتباطاً وثيقاً والتي ما زالت تقاوم الاندثار، خاصة بمدينة فاس، حيث يحافظ نحو 23 ألف من العمال المهرة على فنيات الإنتاج لأكثر من ألف عام.
فهذه المدينة تعد مركزاً جغرافياً وروحانياً للبلاد، حيث انه يتم التعامل مع الجلود في نفس الأماكن التي بدأت فيها تلك الصناعة، ويحافظ العاملون بها على جزء كبير من التقنيات والفنيات والمواد والأدوات المستخدمة منذ إنشاء المدينة في القرن الثامن الميلادي ودار شوارة للدباغة التي يبلغ عمرها اكثر من 12 قرنا خير مثال على اصالة وعراقة هذه الحرفة.
وتستعمل جلود الخرفان والماعز والبقر، وكذلك الجمال، في هذه الصناعة الجميلة بعد أن يتم تجفيفها ودبغها وتلوينها ثم ياتي دور الحرفي لحياكتها وتزويقها بتقنيات خاصة مثل التطريزبالخيوط الذهبية أو الحريرية أو الفضية، والتمويه الذهبي، مما يجعل منها منتوجا غاية في الجمال والأناقة يحافظ على مميزاته التقليدية.
ففي السنوات الأخيرة لم تعد صناعة الجلد تقتصر على صناعة البلغة وبعض الأثاث، بل تعدته حيث أصبحت تنتج سلعا ذات استعمالات متنوعة حافظت على أناقتها وجمالها كالمعاطف والمحافظ والحقائب مختلفة الأشكال والأحجام، والأحذية التقليدية منها والعصرية ووسادات الجلوس والسروج وبعض الآلات الموسيقية، وحتى صناعة الثريات والهدايا والتحف التي يقبل عليها السياح.

النقش على النحاس

النقش على النحاس

تعتبر صناعة النحاس من أبرز الصناعات التقليدية في المغرب وأكثرها جمالا وعراقة، وتتم عملية النقش على النحاس باليد وبآلات وأدوات تقليدية كالمطرقة والمسامير مما يضفي على كل قطعة نفحة التميز والأصالة لذلك فهي تحتاج إلى حرفيين حقيقيين متمرسين في الحرفة حتى تخرج القطعة من بين أيديهم تحفا فنية من ديكورات ومشغولات رفيعة ومتقنة ومزينة بالألوان والرسومات من أواني الشاي والأطباق والأباريق والقدور والمغاسل والمباخر و الحلي مثل الخواتم والأساور والخناجر والقلادات وبقية أنواع الحلي، والبنادق والمسدسات التقليدية .
ففي المدن العتيقة التي تشتهر بفن النقش على النحاس كفاس ومكناس والرباط ومراكش وتازة، تجد بها أسواق وأحياء تنتعش من صناعة النحاس حيث يتم تصدير المنتوجات النحاسية إلى بقية المدن المغربية والخارج.

خاتمة

تظل الصناعة التقليدية في المغرب أكثر من مجرد منتجات تُباع في الأسواق؛ إنها ذاكرة شعب، ورمز لقدرته على الحفاظ على أصالته رغم تغيرات الزمن. وبين الماضي والحاضر، تستمر هذه الصناعات في كتابة قصة مغربية متجددة، حيث يلتقي الفن بالهوية، والإبداع بالتاريخ، ليصنعوا معاً إرثاً لا يندثر.
ان شكل وصورة المنتوج الصغير الذي يخرج من يدي الصانع التقليدي يحمل رسالة أصيلة تفوح منها رائحة الحضارات السالفة والتراث الإنساني الثقافي، الذي صهرته عبر سيرورة التاريخ، القدرة الإبداعية للإنسان المغربي بصفة عامة للصانع التقليدي خصوصا، المتمكز في المدن القديمة التي كانت وستظل معقلاً للصناعة التقليدية، مثل فاس ومراكش والرباط وسلا....
للاطلاع على اخر مستجدات فيروس كورونا في المغرب اضغط على الرابط التالي
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات