فاس العاصمة العلمية للمملكة المغربية
متابعي مدونة مغربية وافتخر بكنوز بلادي من خلال تتبعكم لمقالاتنا لا بد لكم انكم لاحظتم ان الماثر التاريخية التي تحكي الجانب التاريخي للمدن المغربية وتعيد الى أذهان زوارها ذكرى الدول والإمبراطوريات العظيمة التي تعاقبت على حكم هذه المدينة على مر التاريخ، وبداية الدولة المغربية الاسلامية هي اهم ما في تاريخ المغرب ولها دور مهم في جلب السياح الى المغرب.
هل تريد اكتشاف مدينة فاس العاصمة العلمية للمملكة المغربية؟ هناك طريقة واحدة وهي زيارتها والتعرف عليها عن قرب.
تقع مدينة فاس في اقصى الشمال الشرقي للمملكة المغربية في سهل «سايس» الغني بمناظره الطبيعية وخيراته الفلاحية، وتبعد عن مدينة الرباط بنحو 170 كيلومترا،وعن مكناس بنحو 50 كيلومترا.
اما مناخها فيمتاز بحرارته صيفًا وبرودته شتاءً، وباعتداله في الخريف والربيع، حيث تكثرالوفود السياحية في هذين الموسمين وغالبًا تكون غايتهم السياحة ومشاهدة الآثار العريقة في مدينة فاس وقصورها وأبنيتها أو لحضور التظاهرات الدولية التي تقام فيها.فاذا كنت تريد ان تطلع على قلب الحضارة المغربية وبداية هذا المنبع الذي انار المغرب وامتد الى اوروبا وافريقيا فلا بد لك ان تزور مدينة فاس العاصمة العلمية للمملكة المغربية التي قامت بدور مؤثر في الحضارة الاسلامية والانسانية عامة، بحيث توحي هذه المدينة العريقة والغنيّة لزائرها بأنّهم على وشك دخول حكايا ألف ليلة وليلة، فهذا ما تعطيه للزائر عنها من انطباع تعكسه قصورها الرائعة ومتاحفها التي تعجُّ بالحضارة، ومدارسها التي أنجبت أكبر علماء المسلمين، أما السائر في شوارعها والمتفحّص لبنيانها فسيرى فيها شهامة العرب ويلمح دقّة الأندلسيين وبراعتهم في العمار فهي أرض تعاقبت عليها العديد من الحضارات المختلفة، وقد صنفت منظمت اليونيسكو "فاس البالي"في المدينة القديمة كإرث إنساني عالمي لحفاظها على أصالتها وطابعها منذ أكثر من 1200عام، كما انها تنافس فلورنسا وأثينا وغيرهما في كونها تراثاً عالمياً حياً حتى الآن، اما تسميتها بفاس فحسب بعض المؤرخين فانه يرجع إلى اداة «الفأس» التي استعملت في حفر أساسات المدينة.
وحاليا تنقسم مدينة فاس إلى ثلاثة أقسام: فاس البالي وهي المدينة القديمة، وفاس الجديد والمدينة الجديدة.
مدينة فاس ذات العشرة الاف تحفة معمارية
لن تكفي هذه السطور القليلة لكي نستعرض امجاد اكثر من 12 قرنا من الزمان لمدينة فاس العريقة ولكنها اطلالة بسيطة على مجد حضارة لم يبق منها الا معالمها التاريخية، منها ما يزال شامخا يتحدى الزمن ومنها ما هو حي الى الان يؤدي دوره العلمي والديني منذ تاسيسه الى الوقت الحاضر، يتمثل في المنارة العلمية على مر العصور جامعة القرويين.
كان هروب إدريس الأكبربن عبد الله الأول، مؤسِّس دولة الأدارسة من المشرق العربي، فاراً من الاضطهاد العباسي ووصوله إلى منطقة "وليلي" حيث احتضنته القبائل الأمازيغية، بداية بزوغ الشرارة الاولى لتاريخ عريق عاشته مدينة فاس المغربية قبل أكثر من 12 قرنا، وبداية النواة الأولى لمدينة فاس في القرن الثامن (سنة 789) وشكل هذا التأسيس بداية للحديث عن تاريخ الدولة المغربية، خاصة أنها أول عاصمة عرفها المغرب وواحدة من المدن الأربعة العتيقة بالمغرب الأقصى التي تشمل مراكش، الرباط، مكناس، وفاس.
المدينة القديمة فاس البالي
فقد تأسست مدينة فاس سنة 172 هجرية الموافق 4 يناير 789 م اي منذ 1231 سنة، على يد إدريس الثاني الذي جعلها عاصمة الدولة الإدريسية بالمغرب وهي الان المسماة بفاس البالي الذي يتكون من عدوتين:الضفة اليمنى لوادي فاس التي استقرت فيها المئات من العائلات المسلمة واليهودية النازحة من الأندلس والمطاردة من طرف الجيوش الصليبية سنة 818هـ، وسميت بعدوة الأندلس
و قد جلب عرب الأندلس معهم حضارة في أوج ازدهارها، فَحَيُّ الأندلسيين يبهر ببهائه وتعدد بنيانه، فالقصور تتنافس بجمال زخارفها، ويشهد على ذلك الخشب المنقوش والنحاس المنحوت والفسيفساء المتعدد الألوان والمشربيات وأعمدة الجبس المنقوش.
الضفة الأخرى المسماة بعدوة القيروانية التي حلت بها 300 عائلة قيروانية بعد مُضِيّ 7 سنوات من قدوم المهاجرين الاندلسيين.
المدينة القديمة فاس الجديد
فقد بنيت فاس الجديد في القرن الثالث عشر الميلادي، خلال فترة حكم أسرة المرينيين، ما بين سنة 1269 ميلادية تاريخ إطاحة المرينيين بالموحدين، و سنة 1465 ميلادية تاريخ أطاحة الوطاسيين بالمرينيين، ويعتبر عهد المرينيين أزهى مراحل تطور مدينة فاس، إذ قاموا ببناء المدينة البيضاء التي تعرف "بفاس الجديد"، وتحصين المدينة بسور وتخصيصها بمسجد كبير وأحياء سكنية وقصور ومدارس ومارستانات وحدائق ولا يفصلها عن المدينة القديمة إلا حديقة جنان السبيل التاريخية التي أسست على يد السلطان العلوي المولى عبد الله في القرن الثامن عشر.
200 حرفة تقليدية تراثية تقاوم الاندثار في مدينة فاس المغربية
وقد تعدّدت هذه الصناعات وتشعّبت، وتفرع عنها عدّة فروع، واشتهرت داخل المغرب و خارجه، وهذه الصناعات التقليديّة الاساسية لها تاريخ قديم بمدينة فاس وهي، الصناعات الجلديّة، الصناعات النسيجيّة، الصناعات الطينيّة والحجريّة، الصناعات الخشبيّة بالاضافة الى الصناعات النباتيّة والصناعات المعدنيّة من هذه الصناعات الاساسية تتفرع منها عدد من الحرف التي ترتبط ببعضا.
جامعة القرويين أقدم جامعة في العالم
لقد ارتبط الحديث عن فاطمة الفهرية، بالحديث بالضرورة عن جامعة القرويين، فقد مرت هذه الجامعة عبر مراحل مختلفة من جامع بسيط، حيث بني في البداية على مساحة صغيرة قبل أن يتم توسيعه وتزيينه وترميمه في فترات متلاحقة من التاريخ، وتعاقب الدول التي حكمت فاس والمغرب، إلى ان تحول جامعة متخصصة في علوم شتى، درس فيها الفكر الإسلامي والعلوم الإسلامية وعلوم المنطق والفلسفة والحساب والطب والفلك، و وغيرها من العلوم.
عندما فكرت فاطمة الفهرية، التي قدمت من القيروان بتونس حاليا، في بناء جامع القرويين لم تكن تعرف انها وضعت اللبنة الاولى لمنارة العلم التي انطلقت من المغرب، واستمرت الى عصرنا الحالي.
شرع في بناء المسجد سنة 859 ميلادية، وكانت في بداية الأمر مسجدا لاقامة الصلاة، ثم ضم حلقات الدروس مع مرور الوقت، فقد ذكر بعض المؤرخين ان انتقال الجامع الى جامعة يعود الى عام 877 ميلادي أي بعد عام واحد على الانتهاء من بنائه وقال أمال جلال "إن جامعة القرويين هي أقدم جامعة في التاريخ لا تزال إلى الآن تقوم بوظيفتها التعليمية من دون انقطاع، إن الدراسة في القرويين بدأت بعلوم القرآن الكريم والحديث والسيرة النبوية والفقه، ثم توسعت لتشمل علوماً كالطب والرياضيات والفلك والفلسفة".
وقد منحت اول وأقدم إجازة في العالم منحت في الطب البشري والبيطري من جامعة القروين وعمر هذه الوثيقة ثمانية قرون ومنحت للطبيب عبد الله بن صالح الكتامي سنة 1207 ميلادية وتشير الوثيقة إلى حضور الموثق القاضي محمد بن عبد الله طاهر إلى
جانب ثلاثة أطباء كبار هم ابن البيطار، وابن حجاج الإشبيلي، وأبو العباس ابن الرومية.وعند الدخول إلى ساحات جامع القرويين فانه سيكون بمقدورك مشاهدة البلاط الرائع في هذا المسجد الذي يعود إلى القرن التاسع فقد خضعت المعلمة لعمليات توسيع وترميم عديدة على مر التاريخ عمت مختلف مرافقها وأبوابها، خصوصا في عهد الزناتيين والمرابطين والمرينيين.
تتوزع مداخل جامعة القرويين على 17 بابا، من أبرزها باب الشماعين وهو الباب الرئيسي، فعند دخولك إلى ساحات جامع القرويين فانه سيكون بمقدورك مشاهدة البلاط الرائع في هذا المسجد الذي يعود إلى القرن التاسع، اما قبابها و سقوفها الخضراء التي تميزها عن باقي البنايات المحيطة بها كما يتوزع سقفها بين جزء مغطى وجزء مفتوح على السماء اما منبرها الذي صنع بقرطبة بناء على طلب من الأمير المرابطي علي بن يوسف (1106-1142م)، فحسب كتاب "زهرة االآس..." للجزنائي فإن هذا المنبر هو تحفة العالم أبي يحيى العتاد الذي عمر أكثر من مائة عام، وكان أستاذا في الأدب والشعر، وتتلمذ على يديه العديد من طلبة فاس والمناطق الأخرى ونافورتها الدائرية التي تتوسط باحتها، و تبلغ مساحة القرويين اليوم نحو 5845 مترا مربعا.
المساجد القديمة في مدينة فاس
اول مسجد بني في مدينة فاس الجامع الذي برحبته البئر المعروف بجامع الأشياخ" المسجد الموجود بأعلى عقبة الصفاح عند بداية زنقة سيدي بوجيدة ويعرف بجامع الأنور أو جامع النور فقد كان المولى إدريس الثاني يجمع فيه أشياخ القبائل للمشاورة والتدارس، لهذا أطلق عليه جامع الأشياخ، أما جامع الأنور فيرجع تسميته تيمنا بالمولى إدريس بن إدريس، المعروف بإدريس الأنور.
بالاضافة الى مسجد القرويين هناك مسجد الأندلسيين الذي بني سنة 859-860م من طرف مريم أخت فاطمة الفهرية لكن تصميمه الحالي يعود في مجمله إلى فترة حكم الناصر الموحدي فقد عرف إضافة نافورة ماء وخزانة في العهد المريني وخلال الفترة العلوية قام السلطان المولى إسماعيل بعدة إصلاحات.
اما المسجد الكبير بفاس الجديد فقد شيد سنة 1276 في عهد أبي يوسف يعقوب ثم شهد عدة إصلاحات على عهد أبو فارس المريني سنة 1395م أما خزانة المسجد فقد أحدثت من طرف السلطان العلوي المولى راشد سنة 1668م.
ومسجد جامع أبي الجنود من أهم المساجد العتيقة بمدينة فاس، بني في فترة الدولة الموحدية، كان يتناوب عليه 12 خطيبا حيث كان كل خطيب يخطب به أربع مرات.
ثم مسجد الشرابليين الذي تأسس في الفترة المرينية، تزين هذا المسجد صومعة جميلة مزينة بالزليج الأخضر، الأبيض والأحمر، وقد تم توسعيه في عهد السلطان العلوي المولى سليمان رحمه الله.
اسوار مدينة فاس و ابوابها
بقيت اسوار مدينة فاس و ابوابها شاهدا حضاريا حيا على المجد العسكري لهذه المدينة وحاكميها خلال فترات تاريخية مختلفة شكلت خلالها حصنا منيعا ضد غزوات الخصوم والأعداء المتلهفين على حكم فاس.
وتذكر المصادر التاريخية أن بناء الأسوار بدأ مع بداية تأسيس عدوة الأندلس على يد الإمام إدريس الثاني في 192 للهجرة.
و قد عرفت هذا الاسوار عبر التاريخ على يد الحكام الذين تعاقبوا على حكم المغرب عدة تغييرات من هدم و اعادة بناء.
كما حرصوا على وضع بوابات عند مختلف مداخل المدينة في ظل حضور الهاجس الأمني لدى السلطة السياسية، إذ كانت تضمن حماية سكان الأزقة وتضبط الغرباء الوافدين عليها، فالأسوارالتي تحيط بفاس البالي تعود إلى فترة حكم الناصر الموحدي (1199-1213م) اما الأبواب التي تخترقها فتحمل أغلبها أسماء تعود إلى فترة حكم الأدارسة والزناتيين مثل باب الفتوح، باب الكنيسة، باب الحمراء، باب الجديد.
بالاضافة الى باب محروق أو باب المحروق الذي كان يطلق عليه قديما اسم باب الشريعة، وهو أحد أهم أبواب سور فاس التاريخية، وأحد مداخل فاس البالي من الجهة الشمالية الغربية.
كما تزخر فاس الجديد هي الأخرى بمجموعة من الأبواب التي أنشأت وفق نماذج متميزة بزخرفة ونقوش تعبر عن الحس الفني والإبداعي للذاكرة المعمارية المغربية ونذكر منها باب الساكمة، باب الماكينة، باب أكدال، باب "المكانة" أو الساعة، باب السمارين، باب الدكاكين...
المدرسة البوعنانية
ترتفع المدرسة البوعنانية بالشمال الشرقي من قصبة بوجلود بحيث تشرف على معظم مدينة فاس وقد امر بنائها السلطان أبو عنان فارس المريني (729 - 759هـ / 1329 - 1358م)، على يد الناظر أبي الحسن بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن عسكر و هي عبارة عن مدرسة ومسجدًا جامعًا في نفس الوقت.
متحف البطحاء بمدينة فاس
يوجد بالقصر الملكي الذي بناه السلطان المولى الحسن الأول في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ليكون مقرا إقامته واستقبالاته الصيفية، واستكمل تزيينه خلفه المولى عبد العزيز،ثم تم توظيف هذه المعلمة كمتحف "للفنون والعادات والتقاليد" ابتداء من سنة 1915 ثم عرف المتحف عدة تغييرات حسب المراحل التي مر بها، وتصل مساحته الى حوالي الهكتار ويحتضن في اجنحته حوالي 6000 قطعة اثرية متنوعة من مخطوطات وإسطرلابات و قطع نحاسية وخشبية وجبسيه إضافة إلى الرخاميات والمسكوكات والحلي والألبسة والمنسوجات والزليج والخزف وغيرها.
ويتميز متحف البطحاء بفاس بقربه من العديد من المعالم التاريخية والطبيعية البارزة مثل باب ابي الجنود ومسجد القرويين، وغيرهم من الأماكن السياحية المميزة.
وانت تتجول بين اجنحة المعرض ستنبهر بعظمة وروعة المتحف التي تتجسد في جدرانه المزخرفة، وأعمدته الحجرية والرخامية المنحوتة والمزينة بالحفريات الخشبية، وأسقفه المزينة بنقوش وزخارف الفسيفساء، أما في صحن المتحف ذو الأرضية الفسيفسائية سترى بحيرة صغيرة في غاية الروعة والمزودة بالنوافير بالاضافة الى الحدائق الخضراء الساحرة الأندلسية .
تنقسم فضاءات المعرض الى الى جناجين:
- الجناح الشرقي الذي يبرز فنون الطين والنار ويتكون من عدة قاعات فالقاعة الاولى تعرض الخزف الاخضر (أخضر تمكروت) و تعرض الثانية الخزف الازرق ( أزرق فاس) اما الخزف المتعدد الألوان فيعرض في القاعة الثالثة و الرابعة و القاعة الخامسة تنفرد بعرض الفخار القروي لنواحي مدينة فاس وخاصة مناطق تسول، سلاس، بني زرول، مزكيلدة، الحياينة وغيرها.
- الجناح الغربي الذي يعرض في جنباته مظاهر من فنون العيش الحضرية والقروية حيث ستشاهد في هذا الجناح معروضات عن الحياة الحضرية والقروية من ملابس وأزياء تراثية، ومصنوعات يدوية نحاسية وفضية، وحلي ذهبية ومجوهرات، وآلات موسيقية، ومعدات الفروسية، وغيرها العديد.
اعزائى الزوار شكرا لقراءة هذا المقال اذ لا يمكن لهذه السطور القليلة ان تعرض لكم كل تلك الكنوز التي تزخر بها مدينة فاس و لكني حاولت ان اجعلكم تتحمسون لزيارة هذه المدينة العريقة.
للحجز في الفنادق في فاس اضغط على الروابط
للاطلاع على اخر مستجدات فيروس كورونا في المغرب اضغط على الرابط التالي
تعليقات
إرسال تعليق