هل تعلم اين يوجد اول بنك في التاريخ؟ وكيف كان حال البنوك الأولى في التاريخ؟
مخازن "اكودار"هي مخازن الحبوب الأمازيغية، وتعتبر من أقدم الأنظمة المصرفية، وقد استخدمتها المجتمعات الأمازيغية التي سكنت المناطق الجبلية جنوب المغرب.
وكان السبب الأصلي لوجودها هو ضمان حماية المحاصيل للشعوب الرحل.
وكان السبب الأصلي لوجودها هو ضمان حماية المحاصيل للشعوب الرحل.
كان بناء مخازن "اكودار"Igoudars يتم في أماكن مختارة مسبقًا، حيث تتميز بكونها آمنة، معزولة عن تقلبات الطبيعة ومحمية في حالة الحرب أو محاولات النهب.
ويمكن أن تشكل سبب وجود البلدات التي تم بناؤها في محيطها أو بجوارها أو حولها.
اذا اردت عزيزي السائح العثور على هذه المباني المحصنة التي تشبه القلعة فستجدها في سهل سوس وجبال الأطلس الصغير.
تاريخ بناء ومهام مخازن "ايغودار"Igoudars
يعود تاريخ بناء مخازن "ايغودار"Igoudars الى أوائل القرن الثاني عشر الميلادي، حيث شيدها الأمازيغ بهندسة فريدة ذات خصائص وحسابات فلكية وجغرافية فريدة تساعد على حفظ الطعام لسنوات دون أن يتعرض الطعام للتلف، واستمر المخزن أو البنك في العمل طوال قرون وفق نظام اداري منتخب، يعد أول عمل إداري منظم في تاريخ المنطقة "المغاربية" بحسب توثيق وتصنيف منظمة "اليونسكو".فقد استخدمها السكان المحليون لتخزين الأشياء الثمينة مثل الوثائق والحبوب والبقوليات والزيوت والتمور والمجوهرات وغيرها.
وتعتبر مخازن "اكودار"Igoudars عبارة عن أسلاف البنوك، تسمح لكل عائلة في المدينة بإيداع الحبوب والتمتع بالحماية الجماعية، فهي تشبه إلى حد ما الخزائن الجماعية للبنوك.
لقد قال الأستاذ الباحث وناشط المجتمع المدني خالد العرود: "قد تكون هذه المخازن الجماعية هي أول علامة على صعود البنوك". في مطلع عام 2016، زارت المغرب بعثة من "اليونسكو" لبحث خطة ترميم مخازن "اكودار"Igoudars التي تم تسجيلها في المنظمة كـ"أول بنك للطعام في التاريخ".
توجد داخل المخازن الواح حجرية محفوظة حتى الان تحكي تاريخ المخزن وطقوسه وقوانينه، فهي توثق إقامة قبائل الأمازيغ "السوسيين" في منطقة "اكودار".
كانت هذه القبائل في غاية الدقة والنظام والصرامة، وكان لهم قوانينهم ودستورهم، ولكي يحفظوا ممتلكاتهم وثرواتهم من النهب والتلف أنشأوا مخزن أو بنك لحفظ الممتلكات تحت إشراف وتصرف وجهاء ومشايخ القبيلة، وفي منتصف المخزن الكبير وضعت الواح حجرية كبيرة نقش عليها قوانين المخزن وأحكام الاستخدام وشروط الاستغلال وعقوبات السرقة والاتلاف وكافة الأمور التي تخص تسيير البنك.
مجلس لإدارة مخازن "اكودار"Igoudars
ولكي يكون تسيير مخازن"اكودار" محكما كانت القبائل الأمازيغية المقيمة بالمنطقة، والمتفرعة كلها من قبيلة واحدة هي قبيلة "ايغو"، تنتخب سنويا مع بداية كل موسم حصاد مجلس لإدارة المخزن لمدة سنة كاملة، تكون مهمته تسيير المخزن وتنفيذ قوانينه والاشراف على استغلال غرف الحفظ والتخزين، والتي تشبه صناديق الامانات في البنوك الحديثة الان، وطبقا لنقوش الألواح الحجرية "دستور المخزن" فإن مخازن "اكودار" والتي تعني بالأمازيغية "المكان المقدس"، لا يسمح فيه بالسرقة أو ارتكاب أي عمل مخالف لشرعة الله أو يشوبه أي حرمانية، فهو مكان مقدس يهابه الجميع ويحترموه ويحترمون القائمين على تسييره لكونهم أعلى سلطة تنظيمية في القبيلة.طقوس مخازن "اكودار"Igoudars
هذه الطقوس مدونة في النصوص المحفورة على الواح "اكودار" الحجرية، وتقول بأنه في أغسطس من كل عام يبدأ موسم الحصاد، فيجتمع أهل القرية داخل المخزن في طقوس احتفالية تردد خلالها الأناشيد الأمازيغية، ويتم تنظيف غرف التخزين جيدا وتطهيرها بواسطة سائل يطلق عليه بالأمازيغية "تيكيوت"، وهو سائل مستخلص من نبتة الزقوم، له تأثير قوي لتطهير الغرف من الحشرات والفطريات والبكتيريا، وبعد حفظ الحبوب والزيوت يتم غلق المخزن بإحكام لتظل المواد المخزنة محتفظة بجودتها لأكثر من 10 سنوات.ومن الملفت للانتباه، فيما هو مسجل بالواح التسجيل الحجرية، لم تسجل اي حالة سرقة في المخازن على مر تاريخه الطويل نظراً لقدسية مخازن "اكودار"، وكان لا يسمح بالإقامة داخل المخزن لاي احد إلا الأمين وأسرته، ولا يسمح له بتربية الدجاج الا دجاجة واحدة لتلتقط الحبوب التي تتساقط أمام المخازن طوال العام، وإذا على دجاجة أو أي طير متسلل إلى المخزن يتم مصادرته وذبحه وطهوه وتقدمه كوجبة لمجلس تسيير المخزن في الصباح، الذي كان يسمى مجلس "إفلاس".
كما انه كان محظورا على الكلاب دخول المخزن بتاتا لكونها مخلوقات "نجسه" طبقا لمعتقدات الأمازيغ، اما القطط فكان يسمح لها بالتواجد بكثرة داخل المخزن لتنظيفه من الفئران التي تعبث بالمؤونة و تتلفها.
هندسة مخازن "ايغودار"Igoudars
يصل سمك جدار المبنى من الحجر الصخري الى 3 امتار في القاعدة، ويقل تدريجيا كلما ارتفع البناء وتتكون مخازن "اكودار" من 295 غرفة مختلفة الاحجام موزعة على 20 ممر مصممة بشكل هندسي يسمح لجنود المراقبة الموزعين على 5 أبراج مراقبة حول أسوار المخزن بشكل يكشف جميع الممرات، وداخل كل ممر تتوزع غرف التخزين بشكل هندسي على ثلاثة طوابق يشبه عيون خلية النحل.اما المبنى الخارجي أو اطار المخزن على شكل مستطيل كبير على مساحة 5 آلاف متر مربع مقسم إلى غرف مفتوحة نحو الداخل على الممرات، وتسمى غرفة التخزين في الطابق الأرضي "تزقي"، وتستخدم لتخزين الحبوب والطحين، أما الغرفة في الطابق الثاني أو الوسط فتسمى " أحانو" وتستخدم لتخزين الزيوت بجميع أنواعها، والغرفة في الطابق الثالث تكون أصغر حجما وأعلى مرتبة، وتستخدم لتخزين المقتنيات الثمينة، وتكون حراستها مشددة وتخضع لإجراءات إدارية مشددة جداً.
وغرف التخزين تبلغ الواحدة 9 امتار وعرض 1.6 متر وارتفاع 1.5 متر، مبطنة بالحجر الصخري الصلد والطين الممزوج بكسر الحجر الجيري وفتات الصخور، والسقف مصنوع من خشب "الأركان" المبطن بالطين والحجارة.
كما يتوفر على مرافق اخرى تضم الساحة الكبرى في منتصف ممرات التخزين مسجداً للصلاة، وخزان مياه محفور في الأرض ومبطن بالصخور لتخزين مياه الأمطار ويسمى "ظفيرة"، بالإضافة إلى عنبر الحراس أو سكن الحراسة، ويقابله "إسطبل" أو عنبر كبير لتربية الماشية وقت الحروب والأزمات لتكون في مأمن داخل أسوار المخزن.
اما مقر الموظفين المنتخبين المسمى من القبيلة كل عام لتسيير شؤون المخازن والمسمى على أطراف المخزن تقع غرف الإدارة "تاوالا"، يقع على اطراف المخزن، ويتقاضون مقابل خدمتهم للمخازن نسبة تخصم من الغلال والمخزون من كل فرد وتجمع كلها ثم يتم بيعها والانفاق من أموالها طوال العام على الترميم والتوسعة والشؤون الإدارية ورواتب الإدارة والحراسة والتطهير والتسيير، وأمام كل حجرة تخزين تثبت درجات أشبه بدرجات السلم لكنها موزعة بشكل غير منتظم ولا يستطيع ان يصعد عليها إلا أشخاص مدربين جيدا يعملون بالمخزن.
طقوس مخازن "ايغودار"Igoudars
هذه الطقوس مدونة في النصوص المحفورة على الواح "اكودار" الحجرية، وتقول بأنه في أغسطس من كل عام يبدأ موسم الحصاد، فيجتمع أهل القرية داخل المخزن في طقوس احتفالية تردد خلالها الأناشيد الأمازيغية، ويتم تنظيف غرف التخزين جيدا وتطهيرها بواسطة سائل يطلق عليه بالأمازيغية "تيكيوت"، وهو سائل مستخلص من نبتة الزقوم، له تأثير قوي لتطهير الغرف من الحشرات والفطريات والبكتيريا، وبعد حفظ الحبوب والزيوت يتم غلق المخزن بإحكام لتظل المواد المخزنة محتفظة بجودتها لأكثر من 10 سنوات.ومن الملفت للانتباه فانه نظراً لقدسية مخازن "اكودار" لم يتم تسجيل اي حالة سرقة على مر تاريخه الطويل، طبقا لما هو مسجل بألواح التسجيل الحجرية، وأيضا يحظر بتاتا على الكلاب دخول المخزن لكونها مخلوقات "نجسه" طبقا لمعتقدات الأمازيغ، ومسموح فقط للقطط بالتواجد بكثرة داخل المخزن لتنظيفه من الفئران وحماية المخزن من عبثها، ولا يسمح لأحد بالإقامة داخل المخزن إلا الأمين وأسرته، وغير مسموح له إلا بتربية دجاجة واحدة لتلتقط كل ما يتساقط من حبوب أمام المخازن طوال العام، وإذا تسللت دجاجة أو أي طير إلى المخزن يتم مصادرتها وذبحها وطهوها وتقدمها كوجبه لمجلس تسيير المخزن في الصباح، والذي يطلق عليه مجلس "إفلاس".
ومن اجل الحفاظ على هذا التراث الإنساني الهام و المتميز، اعتمدت وزارة الثقافة المغربية بالتعاون مع منظمة "اليونسكو" عام 2016 خطة لترميم مخازن "ايغودار" الأثرية بمنطقة سوسة بميزانية قدرها 10 مليون دولار بالتعاون مع خبراء ترميم واثريين اكفاء من 9 دول على رأسها فرنسا ومصر، للحفاظ على هذه المعلمة الاثرية.
تعليقات
إرسال تعليق